!" رد فرقة الـ"دام" على مقال: "التقاليد والآلة المناهضة للسياسة: "جرائم الشرف" تغوي فرقة الدام
لقد كنا سعداء أن نجد على صفحات "جدلية" أصدقاء وأناس داعمين ومدركين لعملنا ويحترمون ما نقوم به منذ سنوات طويلة كفانين وأفراد في مجتمعنا. إلا أننا نشعر أيضاً بالحاجة للرد على التحليل الذي قدمته ليلى أبو اللغد ومايا مكداشي لأعمالنا، حيث أننا نأخذ الموضوع والنقد على محمل الجد. وإن كنا لا نشعر عادة بحافز للرد على نقد يخص أعمالنا، إلا أننا شعرنا أن هذا النقد قد تعدّى بضعة خطوط، وتحديداً بعنوانه " التقاليد والآلة المناهضة للسياسة: "جرائم الشرف" تغوي فرقة الدام"! العنوان، مثله مثل فحوى المقال يفترض ضمناً أن الدام (وكذلك جاكي وبقية الفنانين اللذين أنتجوا الأغنية والفيديو) هم ساذجون سياسياً وفكرياً. هذا التوجّه هو "ثقيل جداً" ولا ينجح في أن يكون على إحاطة جديّة بعملنا.
عندما نقوم بكتابة الأغاني لا نجلس ونفكر "ماذا سيكون رأي أمريكا وإسرائيل بهذا؟". إننا نفتح النافذة ونوثّق ما نرى. نحن نوثّق نضال جيلنا في خدمة مجتمعنا. وإنّنا على ثقة أن عملنا الفني والسياسي هو عمل يتفاعل مع سياقه، وعليه فإن وجهة نظرنا، إن تكن أي شيء، فهي ملتزمة وتنظر عن كثب.
"لو أرجع بالزمن" هي شهادة للنسوة اللواتي قتلتهن عائلاتهن في السنوات الأخيرة في مدينة اللد، حيث نقطن. حالات الموت هذه لا تشمل العدد الذي لا يحصى للنساء اللواتي تتعرضن للتنكيل والإضطهاد في منازلهن. هذا الموضوع ليس حصراً على الإحتلال الإسرائيلي، فنحن نرى نساء عربيات يقتلن على خلفية ما يسمى بـ"شرف العائلة" في الأردن والمغرب مصر وأماكن كثيرة أخرى لا وجود للدبابات الإسرائيلية فيها. العنف المنزلي ضد النساء متفشٍّ في كل المجتمعات، ونحن كرجال ونساء عرب نحاربه في مجتمعنا.
تدّعي الكاتبتان أننا نتجاهل”الناشطات النسويات الفلسطينيات الملتزمات اللواتي يعملن منذ عقود مضت على قضايا متعلقة بمختلف أشكال العنف التي تعاني النساء الفلسطينيات منها". إلا أن الكاتبتين ذاتهما تتجاهلان النساء الفلسطينيات اللواتي عملن على انتاج الأغنية والفيديو. أمل مرقص، وهي ناشطة معروفة في دفاعها عن فلسطين وحقوق النساء، تغني اللازمة في الأغنية. تغفل الكاتبتان نشاطها السياسي وتختاران بدل ذلك التركيز على مظهرها الخارجي وكيف أنها لم تقدم حلاً في لازمة مدتها عشرون ثانية. وبالمناسبة، فإن أمل مرقص في الفيديو لا تحيك كنزة فحسب؛ إنها تحيك كلمات "الحرية أنثى".
يدّعي المقال أن الدام كتبوا "لو أرجع بالزمن" دون تقديم أي سياق. هذه الأغنية على أية حال، هي فصل واحد من بين عدة في مجموعة متكاملة. كل منها تقدم حصة مما يعالجه الدام. إننا في غنى عن ذكر الاحتلال في كل أغنية لإثبات شرعيتنا السياسية.
ليس هناك أي إشكالية سياسية في مقطوعة مدتها ثلاث دقائق ونصف تركز على العنف ضد النساء في مجتمعنا. في الحقيقة، نحن نؤمن بإن هذا التركيز هو جزء ضروري في سياق مشروعنا السياسي الأوسع. النضال ضد الاحتلال والنضال ضد التمييز الجنساني والبطريركية هو بالنسبة للدام نضال واحد. بذكر "ولدنا هون" و"مين إرهابي" تشير أبو اللغد ومكداشي نفسيهما الى عقيدتنا السياسية وتاريخ عملنا السياسي.
الادعاء بان البروبوغندا/الدعاية السياسية الغربية أغوتنا هو إدعاء واهن. أغنية الدام كتبت بالعربية، ولجمهور عربي وتلتها ورشات عمل في المناطق ذاتها التي حصلت فيها عمليات القتل. إن لدينا استراتيجية ونحن نقوم بتطبيقها. إننا نرى المجازفة في الغناء عن مواضيع سياسية واجتماعية عربية. ونعرف أن من الممكن لأطراف منتفعة الاستيلاء والتلاعب بهذه الرسائل. ولكن هذا ليس صحيحاً في حالتنا. الدام يخاطبون جمهوراً عربياً بالعربية. إن باستطاعتنا التحدث الى مجتمعنا دون أن نقلق كيف يمكن للآخر تحريف ذلك.
علاوة على ذلك، فإنه ليس واضحاً لماذا تجد الكاتبتان إشكالية في تمويل الأمم المتحدة. هل اعتقدتا أن تمويل الأمم المتحدة قد أثر على موسيقانا أو على كلماتنا أو رسالتنا؟ أم أنهما اعتقدتا أن الأمم المتحدة استخدمتنا لتحقيق أغراضها؟ إننا نستحق تقديراً أكثر من ذلك هنا. أولاً، هناك التزامنا بالسياسة المبدأية. ثانياً، يحضر هنا سياقنا كفنانين مسيسّين نحيا كمجموعة أصلية في البلاد التي نقاطعها توافقاً مع الحركة العالمية. ليس لدينا أي مصادر تمويل من مؤسسات "دولتنا" وحتى لو كان لدينا، كنا سنقاطعها وفقاً لمبادئ المقاطعة الأكاديمية والثقافية. إننا مقاطِعون للشركات الإسرائيلية ونحن مقاطَعون من قبل الدول العربية العالمية مثل شركة الانتاج الموسيقي "روتانا". لو كنا أكثر غباء أو أقل مبدأية، لكنا أنتجنا ألبوماً واحداً كل عام بدلاً من واحد كل خمس سنوات.
في آخر مرة تحققنا من الأمر، لم نجد الأمم المتحدة على قائمة المقاطعة!
لقد شهدنا في السنتين الأخيرتين الجيشان والثورات السياسية في العالم العربي. ولكثير منا ربما تكون هذه هي اللحظة التاريخية الأعظم التي نعايشها. وهذه تحديداً اللحظة التي يجب فيها التخلص من مخاوف حول الكيفية التي سنقرأ فيها (خصوصاً من قبل الغرب). البروبوغاندا ستستغل أي موضوع تعتبره ملائماً؛ هذا لا يعني أن نتعامى. العرب ينهضون مطالبين بتغيير مجتمعاتهم من الداخل. وإننا نرى "لو برجع بالزمان" كجهد من بين عدة في هذه الأوقات البالغة الأهمية.
إننا نشكل جزءاً من حركة فنية جديدة في فلسطين واثقة بما فيه الكفاية لتتحدى الاحتلال والعنف المنزلي، والعنصرية والتمييز الجنساني. نحن لن نتورع عن التعامل مع محرمات مجتمعنا. إننا نؤمن أن باستطاعتنا، بل يتوجب علينا مواجهة هذه المواضيع بانفتاح، وشجاعة وصراحة.
ألبوم الدام الجديد "ندبك عالقمر" يُباع على موقعنا إننا ندعوكم للاستماع اليه. بعض المقطوعات تتعامل مع مجتمعنا من الداخل. البعض الآخر تتعامل مع احتلال فلسطين. نحن نرى في كل المقطوعات جزء من معركة سياسية واحدة.
[نشر هذا الرد للمرة الأولى على "جدلية" باللغة الإنجليزية وترجمته إلى العربية حنين نعامنة. إضغط هنا للنسخة الإنجليزية من مقال مايا مكداشي وليلى أبو اللغد وهنا للنسخة العربية.]